top of page

العطور المستوردة تهزم المحلي

إهتمت الحضارات القديمة بصناعة العطور, فقد كانوا قديمًا يستخرجونها بطرق بدائية كحرق النباتات ذات الروائح الذكية وجعلها بخوراً، و يعتبر المصريون القدماء من أول الشعوب الذين صنعوا العطور، وتبعهم العرب في صناعتها، فهم أول من إستخرجوا العطور من الزهور ..

وقد صنعها المصريون بطريقتان, الأولى عن طريق وضع الأزهار في لوحة كبيرة من ورق البردي له طرفان تمسك به سيداتان وتضعان الورود مع القليل من الماء داخل اللوح ثم تدير كل سيدة الطرف الذي تمسكه عكس إتجاه السيدة الأخرى فيتم عصر الورود, وكان يتم وضع إناء كبير تحت اللوحة لكي يسع الكمية المعصورة ثم بعد ذلك تحفظ في أواني خزفية و فخارية.

أما الطريقة الثانية هي وضع الورود في إناء فخاري صغير وحرقه لإعطاء رائحة عطرة للجو و مميزة. وفى العصر الحديث فى مصر كان هناك ما يسمى (بالموردى), وهى كلمه اشتُقت من كلمة الورد لإنه كان يقوم بإستخلاص الروائح العطرة من الزهور مثل الياسمين, النرجس, زهر الليمون والقرنفل.

ولكن مع الأسف أصاب هذة الصناعة القديمة ما أصاب باقي الصناعات اليدوية من تدهور؛ بسبب ضعف الإقبال السياحي بعد ثورة يناير و الأحداث السياسية و الإقتصادية كارتفاع سعر الدولار بتأثيره على استيراد المواد الخام التى تقوم عليها صناعة العطور. حيث تتم الصناعة الآن عن طريق الاستيراد. مما سبب ذلك في تدهور السياحة لأن السياح تستهواهم العطور عربية الصنع. وعلى جانب آخر يفضل المشترى المصري العطور الأجنبية و الأوربية على العطور العربية.

ونتيجة لذلك تمرد العمال علي هذه الصناعة لأنهم يرون أن جهدهم فيها لا يجني ثماره, و اعتقدوا أنه من الأفضل العمل فى مجالات أخرى. أو السفر بالخارج لإقتناعهم ان هذه المهنه عاف عليها الزمن و أصبحت لا تصلح للظروف المعيشية التى نعيشها الآن. مما أدي إلي انخفاض عدد العاملين في هذه الصناعة و أصبح للعمالة نصيب الأسد في الأضرار التي حلت عليها. نظراً لذلك فإن معطم الممتهنين بهذة المهنه كبار فى السن ورثوها عن أبائهم, لذا من النادر أن نجد فيها أيدى عامله صغيره السن أو من فئة الشباب بالأخص.

الآن تحولت هذه الصناعة من ابتكار لأنواع جديدة أصلية صناعتها مصرية, إلى تقليد العطور العالمية و تركيبها عن طريق خلط المواد الخام المستوردة من أماكن مختلفة سواءً كانت من العالم العربي كالسعودية و الإمارات, أو من الخارج مثل سويسرا و أمريكا. وتتم عملية التركيب عن طريق خلط هذه المواد بكميات معينة لإنشاء نسخة مقلدة لإحدي الأنواع العالمية. و يختلف كل نوع عن الإخر بالمواد الخام المستخدمة في إنشاءه و في الكميات المخلوطة أيضًا. و لجعلها قوية و ثابتة لمدة أطول كالنوع الأصلي يتم إضافة المثبت و كمية كبيرة من الكحول.

ما يصيبنا بالإحباط أننا تحولنا من صُناع إلي مقلدين, و من مبتكرين إلي تقليديين. ليس فقط في صناعة العطور و إنما في الكثير من الصناعات المختلفة, اليديوية و الغير يدوية أيضًا. ولكن بالرغم من أن هذه الصناعة أوشكت علي الاختفاء, إلا أن هناك البعض مازالوا متمسكين بحرفة أبائهم و أجدادهم. لا يكترثون بمدي صعوبة مزاولة هذه المهنة في الوقت الحالي بسبب الأحوال الإقتصادية, فقط كل ما يريدوه هو أن يكون هناك اهتمام زائد من قبل المسؤليين المعنيين و الجهات المختصه بهذه الصناعة القديمة التى تحمل عطر و عبق الزمن, و محاولة إنقاذها من خطر الإنقراض. وإنشاء نقابة للصناعات اليديوية تسمع لشكواهم و تستجيب لمطالبهم و مقترحاتهم. هذه الصناعة و الصناعات اليدوية بشكل عام جزء من تراثنا العربى و المصرى و هم فخر لنا, و الإحتفاظ بهما عامل أساسى في تقدم الوطن و المجتمع. لذا يجب العمل في شكل مترابط على النهوض بتلك الصناعات و محاولة نقلها إلى الساحة العالمية من خلال تطويرها, و تحويلها من صناعات قديمة ليس لها قيمة إلي سبب من أسباب الدخل الإقتصادى.

أحدث منشورات

عرض الكل

Comments


ليه بره الكادر؟

عشان فيه ناس كتير مهمشين, ملهمش صوت و واقفين بره الكادر, إحنا بنحاول ندخلهم في الصورة معانا.. عشان صورة الوطن تكمل

  : تواصل معنا علي
!..شاركنا بأفكارك

 

Email: baraelkaddr@gmail.com

​​​

bottom of page