top of page

النحاسين : الحرفيون فروا من المهنه والسبب الرئيسي غلاء المواد خام

صناعة النحاس من أهم الحرف و أقدمها, حيث عرفت مصر صناعة النحاس منذ عصر المماليك. و كانت قديماً تعتبر هي الأهم في صناعة أواني الطعام و مستلزمات البيوت و الزينة المرصعة و الكثير من الأشياء المصنوعة من النحاس صناعة يديوية خالصة, و لكن الآن لم تعد صناعة النحاس تشكل أهمية كبيرة لدي المصريين بسبب عدة أسباب.

و يعتبر النحاس من أول المعادن التي تم استعمالها من قبَل الإنسان وثاني المعادن من حيث تعدد المنافع بعد الحديد. وهو "فلز" محمر اللون يتغير لونه وخصائصه عندما يتحد مع عناصر أخرى مشكلاً مركبات مختلفة.

النحاس و النحاسين

تنتمي صناعة النحاس في الأساس إلي المصريين. ولكن مع دخول العثمانيين مصر تم إضافة العديد من التطورات على صناعة النحاس. فقد كانت قبل مجيئهم تقتصر على الأنابيب و أدوات الصرف الصحي, حيث حدثوا صناعة الأواني و الأثاث بإستخدام الزخارف النحاسية في تلك الصناعات. ونتيجة لتميز المصريون في إكتساب هذه الحرفة, قام العثمانيون بجمع المهرة منهم و إرسالهم إلي الأستانة لتشييد المساجد و العمارة في تركيا. حتى أصبح المصريون منذ ذلك الحين رواد صناعة النحاس و يليهم السوريين و الأتراك.

و بحوارنا مع الحرفي "محمد حسن" أحد صناع النحاس بمنطقة النحاسين, هذه المنطقة التي لم تعد كسابق عهدها و من الممكن أن تنقرض قريبا. حيث قال أن قديماً لم يكن هناك في المنازل ما يسمي بالألومنيوم, فقد كانت كل الأواني مصنوعة من النحاس. لذلك كان هناك طائفة تسمي بطائفة المبيض. المبيض هو شخص يدهن الأواني النحاسية من الداخل بمادة تسمي "الأزيل" حتى تصبح صالحة للإستخدام. فالنحاس إذا لم يتم تبييضه يصبح ساماً لا يصلح لطهي الطعام بسبب مادة بداخله تسمي "الجنزرة". لذا اختفت صناعة الأواني النحاسية مع إختفاء طائفة المبيض. وهذا يعتبر من أول أسباب إندثار هذه الحرفة. ولكن المعروف أن النحاس أفضل الأدوات المستخدمة في الطهي حتى الأن و الألومنيوم و الستالستيل ليسوا بنفس الكفائة.

أيضا هناك أسباب أخرى لإختفاء هذا النوع من الحرف, منها أنه لم يعد هناك عمال و حرفيين بإمكانهم استكمال ما بدأه أبائهم و أجدادهم. فالآن احتلت الآلات مكان الأيدي العاملة, وأصبح النحاس الموجود حالياً كله صناعة آلية وليست يدوية مما جعله يفقد الكثير من قيمته المعنوية و أيضاً المادية. هذا يعني أن النحاس اليدوي سعره اغلى من النحاس المصنوع آلياً. فالآلة من الممكن أن تنتج الكثير من القطع النحاسية في وقت قصير بعكس الحرفي الذي يمكن أن يمضي نهاراً بأكمله في صناعة قطعة واحدة, مما يزيد من سعرها و جمالها.

كما قال أن المصريين لا يستطيعون تمييز القطع من بعضها و معرفة قيمة كل قطعة, فهم يشترون كل ما هو سعره مناسب فقط هذا كل ما يهمهم, ولا يهمهم إما كانت صناعة يديوية أم آلية, قديمة أم حديثة. ولكن السائحون لا يشترون أبداً إلا القطع النحاسية القديمة ؛ وذلك لأنهم يعرفون قيمتها جيداً. هناك من لا يزالوا يبيعون هذه القطع النحاسية القديمة و التي حتى الآن لم تتلف ولم يتغير لونها بسبب دقة الصناعة التي كانت موجودة قديماً بعكس الصناعة في الآونة الاخيرة.

تحتاج صناعة النحاس إلي العديد من الأيدي العاملة ولا تقتصر علي حرفي واحد فقط. وإنما هناك من يصنع القطعة النحاسية نفسها, و هناك النقاش وهو من ينقشها و يقوم بزغرفتها و ترصيعها بالأحجار الكريمة و غير ذلك مما يعطي لها شكلاً جميلاً و براقاً. قديماً كانوا الآباء يعلمون أبنائهم الحرف منذ الصغر, فكان هناك العديد من الأطفال العاملين في مثل هذه المجالات. ولكن الآن لم يعد يوجد حرفيين وعاملين بشكل عام, كباراً كانوا أم صغار. فكل الحرف خاصة هذة الحرفة تحتاج الي الصبر و المال, ولا يوجد الآن من يصبر على مهنة كهذه, ولا يوجد أيضا أموال تساعدنا علي تطوير هذة الحرفة خاصة بعد المشاكل الاقتصادية الموجودة بمصر الآن, و السياحة التي لم تعد كسابق عهدها. والحل الوحيد للحفاظ على هذا النوع من الحرف قبل أن تنقرض هو أن تقدم لها الدولة يد العون و الدعم. ولكن هذا لن يحدث, لقد حاولنا كثيراً و قدمنا العديد من المطالب ولكن هذه ليست من إهتمامات الدولة علي الرغم من أهميتها في تنشيط السياحة. فالسياح يأتون ليشترون هذة القطع, ليست النحاسية فقط, وإنما الفضية و الذهبية و غيرهم أيضاً.

سوق النحاس في مصر إلى أين ؟

و بسؤال عمرو محمد رضا تاجر النحاس عن ما وصل إليه سوق بيع و تجارة النحاس في مصر و ما هي الأسباب وراء هذا الركود قمنا بالآتى :

ماذا عن الحرفيين الآن هل مازالوا في قمتهم؟

وكان الرد صادم في ما قاله ؛ لأن الحرفين فروا من المهنه وكان السبب الرئيسي وراء ذلك هو غلاء المواد الخام, مما أدى إلي هذا التدهور وقلة معارض البيع, و ورائه قلة الأيدى العاملة. وأثرت الحركة السياحية ايضاً على تدهور المهنه.

ما الأكثر تاثيراً على تدهور المهنة, المواد الخام أم السياحة ؟

و كانت الإجابة محيرة بالنسبة لنا, لا هي تميل إلى هذا و لا إلي ذاك. فجائت الإجابة إن السببين يرتبطوا إرتبطاً وطيداً ببعضهم البعض. ولكن تعتبر السياحة هي صاحبة الدور الأكبر في هذا التدهور ؛ لأنها حتى و إن كانت المواد الخام غالية الثمن فعملية البيع مستمرة, ولكن مع غياب السائحون أصبح هناك مشكلة في عملية البيع, مما صعب علينا عملية شراء هذه المواد باهظة الثمن.

ما السبب فى قله توافد الافواج السياحية؟

تعتبر ثورة 25 يناير من أحد الأسباب وما ترتب عليها من أحداث سياسية وإقتصادية و من تناول الإعلام للأحداث بصورة سلبية ترهب السائح. ولكن السبب قبل الثورة هو عدم حماية السائح من المحتالين الذين يقصدون الأماكن السياحة بغرض النصب والاحتيال على السياح, و تهاون الجهات المختصه في التعامل مع تلك المحتالين وعدم متطاردتهم في أماكن تواجد السياح. مما أدى أيضا انخفاض سعر العملة المصرية بالنسبة للدولار إلي توافد السياحة من الدول الفقيرة مثل أندونسيا, ماليزيا والصين. وسلوك هؤلاء السياح مختلف ؛ فهم يعتمدون على التجوال وقلما يقوموا بشراء السلع.

فتأكدنا أنه سواء كان السبب وراء الانحدار المهني الذي حل بهذة المهنة هو السياحة , الكساد الإقتصادي , الغياب المجتمعي أو غياب دور المسؤليين تجاه هذة الصناعة أو باقي الصناعات اليدوية التي تعد ثرات مجتمعي و تاريخي لمصر. فلا يمكننا أن نصل إلا لنتيجة واحد و هي "تعددت الأسباب و الموت واحد". صورة

صورة لقطعة نحاسية يدوية الصنع


Comments


ليه بره الكادر؟

عشان فيه ناس كتير مهمشين, ملهمش صوت و واقفين بره الكادر, إحنا بنحاول ندخلهم في الصورة معانا.. عشان صورة الوطن تكمل

  : تواصل معنا علي
!..شاركنا بأفكارك

 

Email: baraelkaddr@gmail.com

​​​

bottom of page